الخميس، 19 فبراير 2015

الجنرال يقف عاريا



غالبا لن نعرف أبدا ما كان يدور بذهن الجنرال عبد الفتاح السيسي وهو يأمر طائراته بقصف مدينة (درنه) الليبية ردا على الفيديو الذي نشره تنظيم (داعش) والذي يظهر ببشاعة ذبح 21 مواطنا مصريا على شاطىء يفترض انه شاطىء طرابلس الليبية، هل كان يتخيل انه إعادة بعث للكولونيل عبد الناصر الأب الروحي للفاشية العسكرية الشعبوية العربية؟ ام كان يتلبس شخصية أنور السادات العراب التاريخي للشوفينيه الوطنية المصرية الذي بدأ (حربا صغيرة) في 1977 ضد ليبيا بعد أنهيار العلاقات الدبلوماسية مع القذافي، يقدم لنا الإعلام المصري الموالي مطلقا للنظام العسكري أسطورته الخاصة التي لم يحسن فبركتها حتى، أسطورة القائد الذي غضب لقتل مواطنيه فشن الحرب على الإرهابيين الذين ذبحوهم، وأسطورة الجيش الجبار العظيم الذي يضرب بقوة ويبطش بأعداء الوطن، ثم يتدفق نهر البروباجندا العسكرتارية في فيضان لا ينتهي ويتم أستدعاء تراث الستينيات والسبعينات ونفخ رماد الشوفينية الوطنية فيتلظى نارا ترهب وتخيف كل من يجرؤ على التشكيك او حتى التساؤل، أسطورة تبدو تافهة خلقة ومهترئة وغير منطقية على ضوء سلوكيات ذلك الجنرال وسلوكيات قواته العسكرية طوال أربع سنوات من عمر الانتفاض الشعبي المصري في 25 يناير 2011، بل على ضوء سلوكيات النظام السياسي والعسكري الذي حكم مصر طوال العقود الأربع الماضية والذي السيسي أبنه الشرعي وممثله الحقيقي.

الجنرال نفسه كان منهمكا في بناء منصة إعلان بطولته بحماس يحسد عليه، دعم خليجي سعودي إماراتي كويتي لا يتزعزع، إعلان عن صفقة أسلحة فرنسية متنوعة باهظة الثمن بتعجل مريب في التسليم صنع منها الإعلام نصرا وفتحا أسطوريا، زيارة فلاديمير بوتين العبثية والتي يعتقد انها أتت لمحاولة إنقاذ صفقة الأسلحة الروسية التي استبدلت بالفرنسية، تلك الزيارة التي لم ينتج عنها سوى عشاء ببرج القاهرة ووعد مثير للسخريه بتقديم مفاعل نووي لمصر، وأطنان من البروباجندا الدعائية عن التحالف ما بين الجنرال المصري و (القيصر الروسي ) كما سماه الإعلام المصري، وعلى القمة كان قرار قصف (درنه) التي يقال أن السبب الوحيد في اختيارها انها تمثل اقصي مدى لطيران المقاتلات المصرية التي لا تمتلك وسائل تزويد للوقود جوا، بينما (سرت) حيث خطف المصريين المذبوحين ، و(طرابلس) حيث تمت جريمة القتل الجماعي خارج مدى الطائرات المصرية، ثم يتوج الجنرال مجده بطلب رسمي من مجلس الأمن لإقرار تدخل عسكري بليبيا، تدخل عسكري بشروط السيسي ولصالح الفصيل الذي يدعمه الجنرالات المصريين سرا وأصبحوا يدعمونه علنا، لحظة مجد نادرة، بقعة الضوء تتسلط على الجنرال القصير الشهير بلغته الحنونة وتعبيراته العاطفية الرومانتيكية والإعلام يعزف بهستيريا مارش المجد للجنرال وجيشه، ومواقع التواصل الاجتماعي تشتعل بالدعوات الهستيرية لمساندة الجيش المحارب ونسيان اي خلاف مع المؤسسة العسكرية وأي دماء سفكتها او سفكت بمباركتها.

مرة أخرى لا يمكننا إلا ان نتخيل ما شعر به الجنرال ومنصته المصنوعة من القش والورق الملون تتهاوى بسهولة ويسقط من فوقها مجده المفترض، تأتي الضربة الأولي ببيان مشترك يسبق أجتماع مجلس الأمن بيوم واحد، حكومات الولايات المتحدة ,وانجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا تصدر بيانا يحض على أيجاد حل سياسي لا عسكري بليبيا ويحذر ضمنيا كل من يهدد أستقرار ليبيا وإمكانيات الحل السياسي، لا احد يريد ان يرقص على طبول الجنرال الحنون، وحتى لو قرر الغرب تدخلا عسكريا فلن يكون السيسي هو المايسترو وضابط أيقاع ذلك التدخل، وتأتي الضربة الثانية من المجموعة العربية بمجلس الأمن التي اقترحت قرارا يخلو من دعم تدخل عسكري بليبيا بعد ان كانت خارجية السيسي تروج قبلها بساعات ﻷن المجموعة العربية تدعم السيسي في تدخله العسكري، حتى جنرالات الجزائر تخلو عن السيسي ورفضوا التدخل العسكري.
وتأتي الضربة الثالثة من أقرب حلفاء الجنرال السيسي وعرابيه (مجلس التعاون الخليجي)الذين يصدرون بيانا على موقعهم الرسمي يرفض بحدة غير معتادة اتهام مصر لقطر بدعم الإرهاب ، ويكاد يقرع السيسي على اتهاماته واصما إياه بوضوح بأنه يعيق العمل العربي المشترك ويرفض البيان التدخل العسكري بليبيا، صحيح أن نفس الموقع الرسمي أصدر بعد اقل من 12 ساعة بيانا يكذب فيه البيان الاول ويؤكد على دعم مشيخات الخليج لنظام السيسي، لكن الرسالة قد وصلت فعلا، ويرقد البيانين المكذب والتكذيب جنبا لجنب على موقع مجلس التعاون، معروضين لمين يريد ان يحاول فك طلاسم أسرار السياسية الخليجية.
كل ذلك لم يكن كافيا، فالمصائب لا تأتى فرادى، فالجنرال الليبي خليفة حفتر يتحفنا بتصريح نقلته عنه جريدة الفجر القاهرية بأن السيسي قدم له الدعم الكامل في عملية (الكرامة) التي يشنها للسيطرة على بني غازي، إذا ألم تكن تلك الطلعات الجوية العنترية انتقاما لمقتل 21 عاملا مصريا ذبحا في ليبيا على يد (داعش)؟!!

بمهزلة مأساوية تنتهي لحظة الجنرال العاطفي تحت أضواء المجد الزائف، وينفض عنه حلفائه وداعموه، وتنتهي مغامرته العسكرية الصغيرة بتوقف يشبه السكتة القلبية، لكن المأساة الحقيقية التي غرقت في طوفان (المولد) الإعلامي هي مأساة ال 21 قتيلا، مأساة مليون ونصف مصري اضطرتهم الظروف الاقتصادية بمصر تحت حكم العسكر للنزوح لبلد تحترق بنار الحرب الأهلية، مأساة مئات الآلاف من المصريين الذين وضعوا ما بين القتل في أوطانهم على يد جيش السيسي سواء بطلقة أو جوعا وفقرا أو القتل في الغربة على يد عصابات داعش، هؤلاء سينسى أمرهم مع الوقت، وسريعا كما نسي أمز ألاف غيرهم من الفقراء والكادحين ماتوا فقرا أو مرضا أو غرقا أو حرقا، انتهت لحظة مجد الجنرال الوجيزة، وعليه ان يقنع بما يشغله من أمور اقل لمعانا من حرب وطنية أنتقامية وإن كانت اكثر خطورة كانهيار الاقتصاد وتهالك العملة المحلية، وارتفاع الأسعار، وتأكل الدعم الشعبي لنظامه، ومشروع قناته الخرافية الجديدة....إلخ

الجنرال عاد مرة أخرى لحجمه الحقيقي، قزم سياسي غارق في مشاكل لا يمكنه حلها
الجنرال يقف عاريا وكل أشجار التوت في العالم لا يمكنها ستر سؤته.

الثلاثاء، 17 فبراير 2015

يسقط..يسقط...حكم العسكر.

يسقط يسقط حكم العسكر،
 ارتفعت الهتافات مشتعلة من الغضب من الحناجر 
المبحوحة بالغيظ والحزن،
الشعب..يريد إسقاط النظام، ارتفع الهتاف متحديا راغبا في الصدام، التاريخ 25 يناير ، المكان : أمام مقابر (المنارة) بالإسكندرية، لكن تلك لم تكن 25 يناير 2011، كانت 25 يناير أخرى، جاءت في ظل انقلاب عسكري دموي ، جاءت ونحن لا نذرع الشوارع بالآلاف معلنين ملكيتنا لها، بل جاءت ونحن نودع جثمان (شيماء الصباغ)، كم فعلنا في 2011 ونحن نودع ضحايا أنتفاضة يناير، شيماء الصباغ الشاعرة والام الشابة، والناشطة السياسية التي لم تخلو من سذاجة وارتباك سياسيين لا تلام عليهما وهي النقية القلب لدرجة الطفولية، فأنى لها الوعي وكبار الأحزاب والحركات السياسية التي نشطت وسطهم يفتقدون لأي وعي سياسي او نضالي، فهم خشب مسندة وبقايا حفرية من أزمنة بائدة، أزمنة ما قبل يناير 2011، شيماء الصباغ هي نموذج لجيل كامل من الشباب كان عليه ان يكتسب الوعي السياسي في الشارع وسط انتفاضة شعبية أغرقت في ألاعيب السياسيين الانتهازيين والإعلاميين المخابراتيين والمثقفين الذين لا يتفوق على جهلهم إلا عمالتهم لأجهزة الأمن، فجاء وعيهم مبتسرا ناقصا لم يكتمل نموه، عقيما غير قادر على منحهم بوصلة للحركة وسط كل هذا الضباب من الأكاذيب والألاعيب، كان الهتاف يعلو مرة أخرى : الشعب يريد إسقاط النظام، يسقط يسقط حكم العسكر، كان الشباب يهتفون مرة أخرى هتافاتهم المقدسة التي مات المئات صارخين بها، ما بين 30 يونيو 2013 وما بين 25 يناير 2015 جرت مياه كثيرة تحت الجسور، مياه مخلوطة بالدماء والأشلاء ورماد الجثث المحترقة غالبا، لم نعد بقادرين على الهتاف بسقوط حكم العسكر رغم انه أزداد وطأة وبشاعة ووضوحا، فالعسكر هم من انقذوا مصر من الإرهاب الإخواني بعد تحالف أستمر منذ يناير 2011 أكتشف العسكر ان الأخوان إرهابيون خطرون فانقلبوا عليهم ، وأسسوا ﻷسطورة الجيش الذي حمى مصر من الضياع ، وقائدة الذي كان على موعده مع القدر لينقذ مصر من الخراب، وهو الذي كان معدودا على الأخوان قبل أنقلابه بأسابيع قليلة.

لكن كل أكاذيب الإعلام وكل هلوسة الصحف المخابراتية لم تكن كافية لتوارى سوأة النظام ، الذي فشل فشلا ذريعا في التعامل مع كل الملفات التي برر أنقلابه بفشل مرسي الإخواني فيها، فلا ازدهار اقتصادي ولا حل لمشكلة الطاقة ولا أستقرار امني ولا سيطرة على المناطق المشتعلة في سيناء، مع عودة آل مبارك للصدارة وتهديدهم نصف الصريح بأن البرلمان القادم ،

سيكون تحت سيطرتهم، وان كبار رجال الأعمال المدنيين لن يقبلوا بموقع التابع لرجال الاعمال الجنرالات

يسقط يسقط حكم العسكر ، يسقط يسقط حكم المجازر، بدئا بمجزرة رابعه والنهضة والحرس الجمهوري، والمجازر الأسبوعية للمسيرات التي يدعوا لها الأخوان ومرورا بمجازر الطلبة والطالبات في كل جامعة بجامعات مصر، ومجازر الجنود الذين سقطوا عزلا عاجزين كالقطيطات الوليدة بلا سلاح في مواقعهم العسكرية بسيناء رغم الميزانيات الخرافية التي من المفترض انها تنفق على التسليح والتدريب ، وصولا لمذبحةاستاد الدفاع الجوي في 8 فبراير الحالي حين تعمدت قوات الداخلية حصر مشجعي نادي الزمالك في ممر ضيق كالقفص وأغرقتهم بالغاز السام والخرطوش لتقتل 22 منهم أطفال وشيوخ في فعل هستيري غير مبرر إلا كانتقام من ( الألتراس) الذين هم صداع دائم في رأس قوات الداخلية ورئيس النادي المقرب من النظام، كان الغضب بعدها في قمته، مرة اخرى ينفتح القمقم لعفريت : يسقط يسقط حكم العسكر، صديق يحدثني عن أغنية شعبيه (مهرجان) تغني الهتاف الداعي لإسقاط حكم العسكر، ها هي تقترب، شعاع ضئيل من الضوء في الظلام الدامس الجاثم على صدورنا ، نحن الذين نحمل في صدورنا نار سيد الهتاف : يسقط يسقط حكم العسكر ، النظام يخسر شعبيته شيئا فشيئا، زعيمه المضحك في قراقوزية خطاباته وتعبيراته و(تسريباته) تحول لمادة للسخريه بعد زيارة بوتين لمصر وصفقة (الرافال) التي لم يشترها احد طوال 20 عاما، فأتى السيسي (ليشتري التورماي) .

يسقط يسقط حكم العسكر

حتى إذا ضاقت الارض على السيسي وجنوده على سعتها، وبلغت ارواحهم الحلوق ، جاء الفرج من حيث لا يحتسب أحد
فأذاعت (داعش) فيديو لذبح 21 مصريا ، فقامت قيامة النظام وغضب رئيسه لدماء المصريين المهدره، وأخرج نسوره لتنتقم للمصريين المغدورين، وفتح النظام صناديق ملابس وديكور مسرحيات الحقبة الناصرية والساداتية نافضا عنها عفن القدم والنسيان ليعرضها أمامنا محضرا روح تلك الأيام البعيدة المملؤة بقداسة الجيش البطل المصطف شعبه خلفه تحت حكم زعيمه الملهم ليرد العدوان عن مصر المقدسه، فكان علينا لكي نحمل صك الوطنية الأقدس وختمها على أقفيتنا أن نقتل المنطق ونذبح الذاكره، ونصدق ان النظام أنتفض لمقتل 21 مصريا في ليبيا، بينما دماء 22 مصريا لم تجف بعد في القاهره لم يسأل عنها احد ، علينا لكي ننحط لمستوى وطنية البرجوازيين الشوفينية تصديق أن الجيش ينتقم غاضبا لمقتل 21 مصريا في ليبيا، نفس الجيش الذي قضى السنوات الأربع الماضية يعتقل المصريين ويقتلهم ويضربهم ويشوههم وينتهك أعراضهم ويمثل بجثثهم ويتبول جنوده على متظاهريهم، ويسخر من رموزهم وقيمهم وأحلامهم وشهدائهم، نفس ذلك الجيش يخرج لينتقم لهم، ينتقم للمصريين المسيحيين الذين قتل منهم نفس هذا الجيش ما يقارب 35 متظاهرا دهشا ورميا بالرصاص في قلب القاهرة في أكتوبر 2011 ، نفس هذا الجيش الغاضب للمصريين المغدورين على أيدي سفاحين( داعش) هو الذي قتل وأحرق ومثل بجثث المئات من المصريين في أعتصامي النهضة ورابعة وقبلهما في أحداث الحرس الجمهوري واحداث رئاسة الوزراء ومذبحة شارع محمد محمود …..إلخ من قائمة الدم الطويلة، نفس هذا الجيش هو الذي قتلت داخليته شيماء الصباغ بدم بارد وسط القاهرة كما قتلت قبلها وبعدها المئات من المتظاهرين العزل في كل مدن مصر، نفس ذلك الجيش الذي أجرى دماء المصريين أنهارا يغضب لتدفق دماء المصريين على يد (داعش) فيخرج لينتقم في عملية عدوانية على شعب جار وشقيق ، مصدرا لنا أكاذيب إعلامه وصحافته فيموت في صدورنا هتاف:
يسقط يسقط حكم العسكر ،
فقدوس هو الجيش الذي ينتقم منا غالبا ولنا أحيانا، ولا صوت يعلو على صوت المعركة، لا مقتل شيماء ولا المئات من أمثالها، ولا الفقر والجوع ولا الفساد والخراب ولا الديكتاتورية والطغيان العسكري، كلها تتراجع بعيدا في خلفية المشهد، وفي المقدمة الجنرال الحنون رافعا سيفه هاتفا : الثأر لشهدائنا الذين قتلتهم داعش
وماذا عن من قتلتهم انت وجنودك؟
من يجرؤ على هذا السؤال؟؟ فهو يخرجك من الوطنية للخيانة ، ومن النور للظلام
فقدوس هو الجيش وقدوس هو زعيمه
وهدر هي دمائنا وعبث هم شهدائنا
فلا صوت يعلو على صوت المعركة
اتركوا عقولكم على بوابات الوطنية، فلا مكان بها لعاقل ولا لصاحب ذاكرة لا تنسى
أهتفوا بأسم الوطن، بأسم الجيش، بأسم الزعيم، بأسم الحرب

لا، ليست حربنا، وليس جيشنا، وليس رئيسنا، ولا باسمنا، ولا برضانا ولا بأمرنا
يسقط يسقط حكم العسكر، لن نخون الثورة، ولن نخون من ماتوا هاتفين بها، ولن نخون الوطن بأن نقبل تمريغ أسمه في مؤامرتكم مع صنيعتكم حفتر
الموت للقتلة والخونة وسافكين الدم.
المجد للثورة وللكادحين وللصامدين على قناعاتهم