الخميس، 28 نوفمبر 2013

خطابات مفتوحه لصديقي الاخواني، الخطاب الثالث.

عزيزي الاخوانجي 
تحية طيبة وبعد/
أسمح لي ان ابدأ خطابي هذا بالتعزيه فيمن يتساقطون من صفوفك قتلى ومعتقلين، صبر الله قلوبكم على مصيبتكم.

أنهيت خطابي السابق لك لو كنت تذكر بوعد ان خطابي هذا سيركز اساسا على أسباب هذه الكراهيه التي تتدفق نحوكم حتى ممن كنتم تتمتعون بشعبية طاغيه وسطهم من قبل.
سأذكر لك ما أراه اهم الاسباب في استجلاب تلك الكراهيه : أنهما الغرور والصلف، نعم ببساطه الغرور والصلف الذي واجهنا بهم الاخوان وبكثافة عجيبه منذ تنحي المأفون مبارك، هل يبدو عجيبا ان اذكر اسبابا نفسية وشخصية بحته لسلوكيات سياسيه؟ الحقيقه انني ارى ان العجيب ان الناس تتجاهل هذه الأسباب خصوصا مع تحرك شعبي يفتقد لاي ثقل أيدولوجي او فكري واضح، الحقيقه أن الأسباب النفسيه والمزاجيه هي المحرك الأكثر قوه في حراك يناير وحتى الأن، وسيأتي تفصيل لذلك فيما بعد، نرجع مرجوعنا لموضوع الصلف والغرور دول، والحقيقه انهما صفتين من المعيب ان يتصف بهما من يدعي دائما الإنتماء الديني، مش كده؟ لكن وإحقاقا للحق فهذا الصلف والغرور هما صفة تكاد تكون ملازمة للتيار الديني ككل خصوصا بعد 11 فبراير 2011.

ساذكر لك تجربتي الشخصيه، او تجربتي السكندريه بمعنى أخر، فأنا اصبحت أتشكك في كل ما اسمع أو اقرا، ولا امنح مصداقية تامةإلا لما شهدته عيناي مباشرة، بدأ إدراكي للسلوك الاخواني وسط الحراك الشعبي فيما بعد يوم 28 يناير مباشرة، عند أول تجمع للناس عند مسجد القائد إبراهيم إستعدادا ﻷول مسيرة كبيره بعد كسر ظهر الداخليه في 28 يناير، ولنشير هاهنا إلى ان التجربه الثوريه السكندريه مختلفه، فالإسكندريه لم تكن مغرمة ولا معجبة بفكرة (الاعتصام) بل أعتمدت المسيرات المليونيه شبه اليوميه حيث لم يكن (نشطاء) الإسكندريه الهواه قد اكتشفوا بعد فوائد الأعتصام وخيراته، والاكثر حصافة منهم هرع للإشتراك في مولد سيدي (اعتصام التحرير) بكل خيراته وفوائده

، المهم نرجع لموضوع التجمع عند القائد إبراهيم، وهو اختيار غريب، فتاريخيا الإسكندريه تتجمع في المنشية، وميدانها هو مركز كل تحركاتها الجماهيريه بما فيها معركة 28 يناير، نقلت لي الهمسات ان اتفاقا- انعقد بالحبس- ما بين شباب الاخوان وشباب الاشتراكيين الثوريين- تحديدا- على نقل مركز التجمع من المنشيه لجامع القائد إبراهيم- الذي يسيطر عليه الأخوان- ليه؟ عشان يطلعوا لنا جثه ميته أسمها المحلاوي يخطب في الناس، هل كان المحلاوي يلقي خطبة حماسية حراقه تشعل قلوب الناس؟ الحقيقه ﻷ، ما أذكره هو تسمير الناس في الشارع لساعتين- دون مبالغه- يستمعون لصوت خافت متحشرج لشيخ يردد كلام مبهم لا يكاد احد يتبينه أو يفسره، وكأنما هي محاولة لتثبيط الناس وكسر عزيمة المسيره- وإن بعض الظن إثم- وكلما ارتفعت نداءات : حرك المسيره، ردت عليها هتافات : أستنى لما نسمع الخطبه، ما تقولش خطبة الجمعه مثلا، عجيبه، ورغم ارتفاع أصوات عديدة متوترة وغاضبه اعترف انني كنت واحد ممن يهتفون : ما تشقوش الصف، اهدأ، لكن اعترف ان الكيل قد فاض بي ووجدت نفسي ألعن سلسفيل وحدة الصف واكاد أشتبك في عراك مع حلقه من الاخوان رغبة في أيقاف عبث الشيخ وتحريك المسيره المتململه، واعترف ان ذلك قد تكرر كثيرا بعدها، اجد نفسي في صدام مباشر مع الاخوان في المسيرات، إنها سلوكيات الفيل الذي يجري وسط قطيع الظباء يا عزيزي، هذه الرغبه شبه الغريزيه للسيطره والتحكم والهيمنه، حاجه كده زي الشريك المخالف، نمشي مسيره؟ ﻷ نسمع الخطبه، نمشي ع الكورنيش؟ ﻷ ندخل بالمسيره شارع بورسعيد، نهتف ضد العسكر؟ ﻷ نشغل مزيكا وما شاء الله كنتوا بتنزلوا بخمس عربيات صوت مربوطين وايلرس يزلزلوا قاره بصوتهم - إمكانيات بقى - ولعلنا نعود لتفاصيل مثل تلك الاحداث في خطاب قادم.

نعود مرة أخرى لنقطة الصلف والغرور الإسلامجي عموما والاخوانجي خصوصا، ولو ان للصلف والغرور وجه فهو الدكتور عصام العريان، فالرجل كان يدلي بتصريحات في الجزيره- جزيرتكم - تفيض صلفا وغرورا لدرجة مثيرة للرغبة في القتل، وجزيرتكم التي كانت تروج للرباعي الأشهر : العريان، البلتاجي،صبحي صالح، صفوت حجازي بأعتبارهم قادة ثورة 25 يناير والمتحدثين بأسمها، وحفاظها وسدنة معبدها، اتدرك كم الغيظ الذي كنا نشعر به  نحن من اشتركنا بتلك الثوره ولا نمتلك (جزيره) تضعنا في المقدمه وفوق الجميع، اذكرك بصلف وغرور خطاب الشيخ (يعقوب) عن غزوة الصناديق، أذكرك بحنقنا وغضبنا لإصراركم على تعديل دستور 71 لا إلغائه- وهو ما اعترفتم بعد ذلك انه كان خطئا- أذكرك بجملة (موتوا بغيظكم) التي كانت تقال وتكتب عمال على بطال، أخبطوا دماغكوا في الحيطه، حنعمل اللي احنا عاوزينه، الفيل الذي لا يعبا بالظباء حوله، الفيل بكل صلفه وكبريائه وغروره.

الكراهيه تتراكم طبقة رقيقة تلو الاخرى، ذرة بجانب اختها، لا تأتي فجأة، لكن تدريجيا دون أن تدركها، ومره واحده تقوم الصبح تلاقي الكراهيه حيط بارتفاع السما وصلابة الخرسانه، اليس هؤلاء من كانوا معكم في جمعية التغيير؟ وساندوا قضائكم الساعين للاستقلال؟ وشاركوكم الوقفات؟ لن اقول كلهم مرتزق مرتشي- كثير منهم كذلك وكبارهم انتهازيين بلا مبدأ ولا ضمير- لكن من كان منهم نقيا أمتلأ قلبه بالكراهيه مع الوقت، ببساطه ما حدش يحب حد يتنطط عليه ولا يتعالى عليه، انا الفيل ، انا الكبير، انا اللي معايا الشارع، انا اللي اكتسحت البرلمان، انا اللي العسكر بيراعوا رغباتي وبيعملوا لي حساب، موتوا بغيظكم.

شايف الصوره شكلها ايه؟
انتم انفسك شعرتم بهذا الانفضاض من حولكم والكراهيه التي تتراكم نحوكم، أذكر في وقت ما خلال - بعد انتخابات البرلمان-2012 أن أنتشرت بوسترات أخوانيه تحمل شعار: كلنا مع بعض، كلنا ايد واحده، هل تذكرها؟
وقتها قلت: حسوا أخيرا، حسوا بالوحده ، حسوا بالعداء ،لكن غريزة الفيل وموتوا بغيظكم كانت اقوى من (المؤمن كيس فطن)، الصلف والغرور يا عزيزي كانا مقتلكما.

أعتذر عن الإطاله عموما
انهي خطابي إليك بهذه القصه:
قبل شهور من انقلاب يونيو ركبت تاكسي مع سائق سلفي وأخذنا الكلام للحديث عن قوة السلفيين بالشارع وقال لي بكل ثقه: بس أحنا كتير، كتير قوي، فرددت : ألم تقرأ أبدا اﻷيه : "
ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين"
 فيهت ولم يرد

فعلا يوم حنين لم تغني عنكم كثرتكم

تحياتي وإلى لقاء في خطاب قادم.

هناك تعليق واحد:

  1. كلامك به جزء كبير من الحقيقة يا ياسر والجزء الـ over
    استطيع نسبته للخلاف العميق بين وجهتي النظر والأيديلوجيتين المتنافضتين تماما الاسلامية واليسارية استطيع تفهم ذلك

    ردحذف