الخميس، 23 أكتوبر 2014

جمرج.....قصه



(قصــه)



رنين هاتف المنزل في الصباح المبكر، ليس بالأمر المعتاد، نذير شؤم دائما، من سيتصل بي على هاتف المنزل في مثل هذا الصباح المبكر؟ من يعرف أصلا رقم هاتف المنزل؟ نذير شؤم حقيقي، ارتبط عندي بإبلاغي أنباء المصائب العائلية، قريب نقل للمستشفى في حالة خطره، أو قريب وافته المنية،قررت تجاهله والعودة للنوم، لكنه أستمر في الإلحاح، استجمعت شجاعتي ونهضت لتلقي النبأ المشؤوم في هذا الصباح الذي لا يبدو مبشرا أبدا.
  • ألو، أيوه
صوت خروشه على الناحية الأخرى وخلفية صوت شارع
  • ألو، ايوه، مين؟
  • ألو، ايوه ، أستاذ ياسر معايا؟ مش كده؟، صباح الخير
صوت رجالي نحيل متحشرج لا اعرفه، طريقة الحديث الرسمية وضعت جانبا احتمال انه قريب يتصل ليبلغني عن مصيبة حلت بقريب أخر، وصباح الخير المعتذرة المتلعثمة لغت أحتمالية الاتصال من جهة رسميه
  • أيوه،أنا ياسر، مين حضرتك؟
  • سعال ، حضرتك أكيد مش فاكرني، احنا ما اتقابلناش من سنين طويله للأسف، بس عندي أمل تفتكرني، كان ليا شرف أني أزورك في مرسمك في العجمي زمان، وسهرنا تقرا لي مسودة عمل كنت بتكتب فيه، كنت انأ وعاطف الله يرحمه، افتكرتني حضرتك؟
من ركام الملفات القدمية المنسية بقعر ذاكرتي قفز وجه أسمر نحيل تغطي نصفه العلوي نظارة سميكة الزجاج، ونصفه السفلي شارب يتدلى مسترخيا تصل ذؤابتاه لطرف الذقن المستدقة المدببة، سعيد عثمان
  • أيوه أنا افتكرتك...أنت...
قاطعني بصوت مذعور: أرجوك ما تنطقش أسمي ع التليفون، كفاية انك افتكرتني، أنا مش حأقدر أطول في الكلام، ممكن نتقابل؟
تعجبت من خوفه من ذكر اسمه، لكن على ما أذكر كان سعيد عثمان شخصا غريب الأطوار، لكن بطريقة محببة ظريفه، ولعل السنوات الطويلة قد زادت أطواره غرابه
  • قوي، قوي ، ممكن نتقابل النهارده بالليل، نشوف نتقابل فين؟
  • الحقيقة أنا أفضل نتقابل كمان نص ساعه
امسكت بالموبايل الموضوع على دولاب التحف إلى جانب الهاتف الأرضي، ضغطت على زر تشغيله ونظرت للساعة
انت عارف الساعة كام دلوقتي؟ الساعة سته ونص، سته ونص الصبح
  • أيوه، أنا عارف، وأسف جدا على أيقاظك مبكرا هكذا، اعرف انك مخلوق ليلي تحب السهر وتستيقظ متأخرا، لكن أرجوك الموضوع مهم جدا ولا يحتمل التأجيل
  • أيوه، بس أنا محتاج اكتر من نص ساعه عشان استعد للخروج
  • أرجوك، السرعة مهمه قوي، مافيش وقت،
تحول صوت لما يشبه الفحيح: المسألة مسألة حياه أو موت، أرحوك
نصف ساعه فقط؟ اللعنة، على أن أفطر وأشرب قهوتي واستخدم الحمام وارتدي ملابسي في نصف ساعه؟! أنا عادة احتاج ساعتين ما بين الاستيقاظ والخروج من المنزل، ساعتين على الأقل، لكن فضولي تغلب أكتسح كل شيء أخر
  • ماشي ، كمان نص ساعه، فين؟
  • محطة مصر، أمام السنترال، نصف ساعه بالضبط، أرجوك لا تتأخر.
  • طيب خد نمرة موبايلي وهات نمرة موبايلك عشان نسهل اللقاء
  • الحقيقة أنا مامعييش موبايل، ما بأشيلهوش من زمان.
  • ماشي، حأقابلك
سخيفة هي الصباحات التي تبدأ هكذا، أضع براد الشاي على النار، وارتدي ملابس بينما تغلي المياه، اشرب الشاي بالحليب مع السيجارة الأولى في المطبخ بينما أصنع القهوة، وليعترض قولوني كيف شاء، ألقيت نظرة سريعه على زوجتي وطفلي النائمين بعمق، فتحت باب الشقة وخرجت.

ميدان محطة مصر الذي لم يستيقظ تماما بعد، وهو الذي لا ينام تماما أبدا، سيارات النقل بالنفر المتجه للقاهره تقف ناعسه كسائقيها الذين ينادون ( مصر ، مصرن نفرين مصر) بينما عرباتهم تقريبا ما عدا أنفار قليلة يسافرون القاهرة في هذا الصباح المبكر، انتبهت إلى أن اليوم هو الجمعة، لذلك تبدو التو رمايات خاوية من زحام الطلاب، كل شيء هادى ء ونصف ناعس مثلي، عبرت حديقة المحطة، مررت وسط (ميكروبا صات) العامريه الخاوية، عبرت شارع الخديوي الذي بدأ يمتلأ بالذاهبين إلى (سوق الطيور) الأسبوعي الذي ينعقد بجانب سور (الدونبسكو) كل جمعه، يحملون أسبتة العصافير والحمام، بضع مراهقين مريبين المظهر يجرون كلابا ضخمة مختلطة السلالة ليعرضوها للبيع في السوق، وقفت أمام باب السنترال، نظرت لساعة الموبايل : السابعة وخمس دقائق، لم أتأخر، إذا أين هو سعيد عثمان؟
ما زال الصباح في بدايته، لكن شمس أغسطس لا رحمة لديها ولا شفقه، ولا شبر ظل أمام مبنى نتجالسن يحميني منها، بعد ثلث ساعه كنت قد أطفأت سيجارتي الثالثة وأحسست بالعرق يتصبب عبر جسمي كله، بينما قولوني يصرخ غاضبا لحرمانه من راحته الضباحية الإجبارية، ألقيت السيجارة بغضب وبصوت خافت لعنت سعيد عثمان ويوم عرفته، ولعنت سذاجة إنني وافقت على لقائه في هذه الساعة السخيفة، أخذت طريقي عائدا للبيت، وبينما أعبر الشارع العريض ما بين السنترال وحديقة الشهداء حاذرا من (الميكروباصات) و(التونايات) و(الاتوبيسات) التي تنطلق عبره بجنون الابتهاج بخواء الطريق، أحسست بيد باردة تمسك ذراعي العرقة بحركة متسلله، جفلت والتفت لجانبي كان الممسك بي يرتدي (سويت شيرت) بقلنسوة رافعا إياها مغطيا بها وجهه، الغريب أن أول ما خطر ببالي :لماذا يرتدي هذا المجنون ملابس ثقيلة في هذا الصباح الأغسطسي الحار؟ لا أراديا سحبت ذراعي وأنا أقفز بعيد عنه، لكن يده بقيت قابضة على كوعي بإصرار، رفع وجهه نحوي قائلا: صباح الخير يا أستاذ ياسر

كان سعيد عثمان.

الوجه النحيل أزداد نحولا وكسته صفرة داكنه، النظارة زاد سمك عدساتها، والشارب المتدلي أزداد تدليلا على الذقن المدببة التي يغطيها شعر خشن متناثر، لكنه هو سعيد عثمان كما أتذكره منذ أكثر من سبعة عشرة عاما، كان يبدو عجوزا جدا رغم انه يصغرني ببضع سنوات

أهلا يا سعيد، أزيك؟ عاش من شافك؟ اـاخرت عليا
معلش، أنا أسف، تعالى نتحرك من هنا.
صوت كان يبدو متوترا ومرتعشا، شبك ذراع بذراعي ودار عائدا نحو مبنى السنترال، عبر من جانبه متجها نحو شارع كينج عثمان، لم يقل كلمة واحدة طوال الطريق، كان يسير بسرعة ويتلفت حوله بتوتر
رايحين فين؟
حنقعد في حته هنا قريب
قبل أن نصل ل(كبده الفلاح) أنحرف يسارا، المقهى الصغير الذي يفرش طاولاته في شارع نصف مسدود كان قد أستيقظ للتو، وبدأ القهوجي في توصيل (الطلبات السوقي) للمحلات المحيطة به، صبي نحيل كان يقف مهويا على الفحم الذي لم يشتعل بعد مضيفا إليه حفنا سوداء من جوال نصف ممتلئ، جلسنا على طاولة إلى جانب الحائط، جلس سعيد منحنيا واضعا يده على يسار صدره وهو يلهث في إجهاد من ركض ماراثونا طويلا.
اللعنة، هل أتصل بي مبكرا هذا الصباح الملعون لأكون شاهدا على أصابته بأزمة قلبيه؟
هل أنت بخير يا سعيد؟
ألتفت نحوي واضعا أصابعه النحيلة على الطاولة التي بيننا، كان ما زال يلهث بشكل مؤلم، لاحت على وجهه أبتسامة امتنان باهتة: أعتذر عن إزعاجك مبكرا، وأعتذر عن التأخر في الميعاد، الحقيقة إنني حضرت في الموعد تماما، لكنني بقيت بعيد لأتأكد أن أحدا لم يتبعك وأننا لسنا مراقبين، كانت كلماته تزاحم اللهاث وهي تخرج من فمه الذي لاحظت انه يفتقد للعديد من الأسنان
  • يتبعنا؟!! مراقبين؟!! عن من تتحدث؟ هل تتابعك الشرطة يا سعيد؟؟
  • ليست الشرطة، امنحني دقائق التقط انقاسي وسأحكي لك كل شيء
أشرت للقهوجي الذي لم يبدو متحمسا لخدمة زبونين مبكرين، حتى لو كان صباحه خاملا وأغلب المحلات والورش لن تفتح إلا بعد صلاة الظهر، طلبت فهوة ساده وحجر معسل، سعيد طلب فهوة كراميللا، وبدا على شفتيه شبح أبتسامه: أتذكر كيف كنت تسخر من فرط السكر بقهوتي؟ وتقول أن السكر إهانة للبن؟ ما زلت تشربها ساده؟
فهوة؟!! عن أي فهوة تتحدث يا سعيد؟ ما موضوع المراقبة؟ من يراقبك؟ ولماذا تبدو خائفا مرتبكا لهذه الدرجة؟
أي مصيبة ارتكبت يا سعيد؟ أنت هربان من الحكومة؟
أنكمش سعيد في كرسيه، سحب طرف القلنسوة ليخفي جانب وجهه
أولا ممكن رجاء؟ لو تكرمت افصل بطارية الموبايل، انت عارف انه ممكن يستخدم كجهاز للتنصت، أرجوك، تحملني، معلش.
كان الضيق قد بلغ بي مداه، وتقلصات قولوني وصلت لمرحلة الحرب الأهلية المعوية، لكن فضولي سيطر مرة أخرى، ونظرة الرجاء في عينيه المجللتين بسواد عميق دفعتني لأخراج الموبايل من جيبي وفصل بطاريته.
ها هو يا سعيد، فصلت البطارية، ماذا عندك؟
أتى القهوجي بالطلبات، وضعت المبسم بين شفتي وأخذت أسحب الأنفاس الأولى من الشيشة، كان لها تأثير مهدى يشبه (التنميل) على عقلي، أخرج سعيد من جيب (السويت شيرت) علبة سجائر صينيه مدعوكة، أخرج سيجارة منحنيه وأشعلها وسحب أنفاسا متتالية بشراهة وهو يجترع رشفات متلهفة من كوب القهوة

حسنا يا سعيد، ما الموضوع؟ من يطاردك؟ ممن تخاف؟ الحكومة؟ المخابرات؟
وضع كوب القهوة وقرب وجهه مني وقال وهو يلعق شفتيه اليابستين بصوت كالفحيح : أنا اهرب من( جمرج)
ألتفت له لأتأكد مما نطق به، كانت عيناه غائرتين في السواد ترتعشان بالرعب، بينما وجهه يخيم عليه شحوب الموتى.
أي حماقه؟!! أرتفع الدم لرأسي
الجمرك يا سعيد؟ هربان من الجمرك؟ أيه الاشتغاله دي؟!! حد بيخاف من الجمرك؟؟!!
أطبق كفيه المعروقتين على ذراعي المستند على الطاولة
ليس الجمرك يا أستاذ ياسر، جمرج ، جيم ميم راء جيم، حاجه تانيه خالص، شيء لم تسمع عنه بحياتك، وغالبا لم تتخيل وجوده، أنظر....
مد يده في جيب سرواله وهو يتلفت حوله بقلق، اخرج قطعة ورق صغيرة مدعوكه، وبسطها بيننا، كانت تبدو مقتطعة من ركن ورقة أكبر، تحتوي رسما لكتاب مفتوح فوقه قلما حبر يتماس سنيهما نحو الأعلى صانعين مثلثا ناقص ضلعا، وجملة غريبة مكتوبة فوقهما قرأتها بصعوبة ( هي اورلا نمز هنا)، كان ينظر إلى بنظرة نشوة ورعب من يشارك شخصا للمرة الأولى في سر رهيب.
هذا هو شعارهم، هذه الورقة مقتطعة من احد وثائقهم الأصلية، هل رأيت هذا الشعار من قبل؟
الحقيقة ﻷ، وهذه الجملة، (هي اورلا نمز هنا) ما معناها؟ وبأي لغه؟ فارسي؟
أطبقت أصابعه على الورقة وأعادها لجيبه بحرص
أستمع إلى فسأحكي الكثير ولا وقت لدي، كل دقيقة أقضيها معك أتعرض لخطر مميت، أنا مطارد منذ عشر سنوان، عشر سنوات، اجمع الأدلة والضم القرائن، أتحسس الإشارات والعلامات، أتسقط الكلمات وأتصيد هفوات الألسن والأقلام وما أندرها، عشر سنوات والصورة تتضح أمامي يوما بعد يوم، والقصة تكتمل أمامي مع كل دليل جديد، رمى سيجارته المنتهية، واشعل سيجارة أخري، كانت أصابعه ترتعش بوضوح، ويعتري جبينه انقباضات متتالية كأنما يعاني من نوبات الم متكرره
سأبدأ معك من البداية، هل تذكر سلاسل الروايات التي كان يكتبها نبيل فاروق منذ منتصف الثمانينيات؟ تلك الروايات العديدة السخيفة الحبكة التافهة اللغة؟ رجل المستحيل وأشباهها؟
نعم أذكرها طبعا وإن لم اكن من قرائها في صغري
ألم يخطر على بالك أبدا من أين يأتي كل هذا الطوفان من الغثاثة؟ من الذي يدعمها وينشرها ويعمل على تسييدها العقل الجمعي لجيل كامل من اليافعين؟ هي وروايات عبير ؟ألم تتساءل أبدا من وقف خلف احمد خالد توفيق ؟ ولماذا تتم (بروزته) كمفكر وعراب لجيل كامل؟ من الذي انتج أسطورة الأسواني ودفع برواياته الركيكة لمقدمة الأبداع الروائي؟ ليعلنوه فيلسوفا ومفكرا، ثم يسقطوه ويأتون بدلا منه بصاحب رواية (فركيكو)؟
بلع ريقه مزدردا إياه بأخر ما تبقى من كوب القهوة، صمت بينما كان القهوجي يغير حجر الشيشة، وأشعل سيجارة أخري من ولعة السيجارة السابقة.
أسمح لي حتى أن أعود لزمن أبعد، لماذا اعتزل عادل كامل كتابة الرواية فجأة؟لماذا مات أمل دنقل بالسرطان؟ من أصاب نجيب سرور بالجنون حتى مات؟ كيف أصاب محمد حافظ رجب بالمرض النفسي وتوقف عن الكتابة؟من قتل يوسف السباعي ولماذا؟وأي خبل أصاب علي سالم وحوله لمطبع صهيوني وقضى على مكانته ككاتب مسرحي؟
هل لديك إجابات؟
هززت رأسي ب.. لا، لم ارد التحدث ، كان يتكلم بحماس ولهاث، بدا مستلبا كأنما روحا تتلبسه، وهشا حتى خفت لو انني نطقت أن يتحطم أمامي كتمثال مشروخ من الخزف

أكتر من كده، من وراء كل تلك المكتبات الفاخرة الديكور التي ظهرت مؤخرا برءوس أموال بالملايين؟لماذا تدعم شركة رأسمالية عملاقه دار نشر معينه وتضخ في عروقها المليارات؟ ذلك اليساري الطويل النحيل بدار نشره ذات الاسم الفرعوني، من خلفه؟ من أتى بالتمويل؟ لماذا هي تتخصص في أصدار نوع محدد من الادب؟ جائزة البوكر العربيه ، من خلفها؟ لماذا ظهرت؟ وأي هدف من ورائها؟ صديقك الأديب النوبي، حين كان يكتب المسرح لم يهتم به أحد، وحين غير بوصلته الإبداعية انهالت عليه الجوائز والمنح، لماذا؟

كان لهائه قد وصل لحد أن صوته تحول لفحيح هامس، قطع تدفقه نوبة سعال عنيفه، مسح جبهته العرقة بكمه، أشعل سيجارة جديده، ورفع في وجهي أصبعه: هل سألت نفسك كل تلك الأسئلة؟

كنت غارقا في محاولة فهم ما يحاول الوصول إليه، كانت تساؤلات كتلك تخطر على بالي من وقت لأخر، لكنني لم أعرها كثير أنتباه، ولم أضعها كلها أمامي لأنني ببساطه لا أجد ما يربط بينها، لكن الأن، وهو يعرضها، بدأت أشعر بشعور غامض غير مريح، كأنك بغرفة مظلمة، تشعر بوجود شخص في الغرفة، لكنك لا تراه ولا تسمعه، فقط تشعر به، فترهف كل حواسك محاولا أن تتلمس أي أشارة لوجود، أو دليل على أن شخصا موجودا فعلا.
لم ينتظر إجابتي، ولم اكن مستعدا لتقديم أجابه، كنت أريد أن أرى الهدف مما يتحدث عنه، الحقيقة، بدا الموضوع مسليا ومثيرا للاهتمام
أسمعني يا أستاذ ياسر، الحقيقة أننا لم نكن مقطوعي الصلة طوال السنوات الماضية، رغم حياة التشرد والاختفاء التي عشتها طوال تلك السنوات، ومحاولاتي الحثيثة بلا طائل للخروج من مصر هربا بحياتي إلا أنني كنت أتابع أخبارك، فلا أنسي انك أول من شجعني على نشر عملي الأول، ولولا نشره ما كنت عرفت ما اعرفه الآن، وقعت على مدونتك بالصدفة في 2007 وكنت أتابعها دائما، بحثت عنك على الفايس بوك وكنت أتابع كتاباتك،منذ أسابيع كتبت أستايتوس على الفايس تتساءل فيه متى سمعنا اخر مرة عن شخص كتب مسرحيه أو نشر مسرحيه؟ ولماذا توقف الأدباء عن كتابة المسرحيات؟ أدركت وقتها انك ربما تشعر بما اشعر به، وإن لم تدرك أبعاده، هل تذكر فيلم (ماتريكس)؟ اعلم انك مغرم بهذا الفيلم، كان (نيو) يشعر بوجود الماتريكس، يشعر بأن بالعالم خطب ما وإن لم يعلم ما هو، لذلك قررت الاتصال بك، قررت أن أشاركك الأمانة التي احملها، خوفا من أن يستطيعون الوصول إلى وتضيع الحقيقة التي أعرفها مرة أخرى.
ابتسمت وأنا أتذكر مشهد الفيلم، إذا انت (مورفيوس) يا سعيد يا عثمان؟ وستعرض علي الاختيار ما بين الحبتين الزرقاء والحمراء؟: فاكر طبعا يا سعيد، كمل يا مورفيوس، وابتسمت مشجعا
أنحنى على الطاولة حتى كادت ذقنه تلامس المفرش المتسخ الكالح باسطا يديه أمامه متحفزا كأنما على وشك القفز:
ما اعرفه انه في وقت ما من أواخر الثلاثينيات أجتمع نفر من الكتاب الشباب الجدد في منزل محمد حسين هيكل، مؤلف رواية زينب، كان اجتماعا خاصا جدا، وشبه سري، لم يذكره أيا منهم أبدا طوال تاريخهم، رغم أن كلهم أصبحوا أعلاما أدبية مشهورة فيما سيلي ذلك من سنوات، كان اجتماعا حصريا مغلقا، بين مجموعة من الأدباء الشبان كما سبق وذكرت، كان ما يجمع بينهم جميعا أنهم يكتبون الرواية، ويحاولون أن يؤسسوا لهذا الفن الأدبي الجديد وقتها موطىء قدم في مصر والمنطقة العربية ككل، في وقت كان اساطين الأدب شعراء في مجملهم، وكان الفن الأدبي الأكثر سيطرة شعبيا هو المسرح، في ذلك الاجتماع السري أسسوا ما أسموه وقتها : أتحاد الكتاب للترقي بالرواية، وحددوا أهدافها في نشر فن الرواية وتدعيمه وجوده، وان يقصر أعضائها أنتاجهم على الرواية فقط، فلا يكتبون الشعر او المسرح، وإن كان ولابد فلا يتجاوزون القصة القصيرة بأعتبارها بنتا للرواية، وان يتخذوا كافة الطرق والوسائل لتدعيم سيطرة الرواية على الأدب العربي دون منازع، وسيطرة الروائيين على العقل العربي دون منافس.
أشعل سيجارة وقال مستطردا: أعلم انك ترفض مفهوم (العربي) و(العروبة) وانا شخصيا لا أراه ذو قيمه، قصدت عقل المتحدثين والقارئين بالعربية طبعا
هززت رأسي موافقا له، لم أجد سببا لقطع سرده، كنت مشغولا أولا بالسيطرة على الام تقلصات قولوني المتمرد- عليه اللعنه- وثانيا على هضم إثارة القصة التي يحكيها.
طلب كوبا اخر من القهوة (الكراميلا) وبقي صامتا حتى يأتيه القهوجي بها لكي لا يقطع حديثه، أخذ رشفه كبيرة من القهوه، ولعق شفتيه مرطبا إياهما قبل أن يكمل حديثه:
أول من خرج على عهود جماعتهم كان عادل كامل فبعد ان كتب روايتي ملك من شعاع ومليم الأكبر، خان العهد وكتب مسرحية( ويك عنتر)، اعتبروه خائنا، هددوه بتلفيق فضائح أخلاقيه، بل وهددوه بالقتل لو لن يعود عن كتابة المسرح، خاف الرجل فأثر هجر الأدب كله واعتزل، كان أول ضحاياهم وأنتصاراتهم، بقى الاتحاد يعمل بهدوء في تدعيم سيطرة الرواية على الأدب المكتوب بالعربية، وينتشر وسط المثقفين والمتعلمين، ويرسخ وجوده وسط كل قطاعات المجتمع، إلا ان وجودهم شهد نقلة كبيره بعد يوليو 52، خاصة وان احد أعضائهم من الجيل الثاني كان أحد الضباط المرموقين المقربين من الضباط الأحرار وإن لم يكن منهم، تخيل أعضاء اتحاد الكتاب للترقي للرواية أن الزمن زمنهم بلا منازع، نظام جديد يمكنهم ان يصولوا تحت ظله ويجولوا ويعلنوا سيطرة الرواية بلا منازع، فرموا بثقلهم خلف الظباط الشبان واعلنوا دعمهم غير المشروط لانقلابهم، إلا أن الزمن لم يكن زمنهم، فقد أصابتهم الصدمة أعتراف عبد الناصر بتأثير رواية عودة الروح عليه وهم من كانوا يعدون توفيق الحكيم مسرحيا، ولم يثقوا أبدا في روائيته، وصياغة يوسف إدريس لأحد كتب السادات وهو أديب أخز كان محسوبا على المسرحيين، كان زمن المسرحية والشعر، ارعبهم ألفريد فرج، وأصابهم نعمان عاشور بالذعر، حطمت معنوياتهم مسرحيات عبد الرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس، اعتبروا نجيب سرور الشيطان الأكبر، وكرهوا بروز نجم شعراء كأمل دنقل والصلاحين عبد الصبور وجاهين، أسقط في أيديهم، وعرفوا ان الرواية في خطر، هنا كان اجتماعهم الثاني، الجيل المؤسس والجيل الستيني الجديد، انعقد في سرية أكبر، في عوامة بنيل القاهرة، ناقشوا في هذا الاجتماع الوضع القائم، وأعلنوا حل الاتحاد وتأسيس تنظيم أكثر قوة وسرية وعنفا : الجمعية المصرية للروائيين الجدد : جمرج، أقسم أعضائها على القلم والخنجر أن يحموا الرواية بأي شكل ويعملوا على نشرها وسيطرتها بأي طريقه، حضر هذا الاجتماع أديب من (شرق المتوسط) كان من بين أوائل عناصرهم خارج مصر، وبدخول روائيين شرق المتوسط في الجمعيه تدفقت أموال طائله عليها زادت من نفوذها وقوتها.
توقف سعيد عثمان عن الكلام، وقد اعترته نوبة سعال جديده أسلمته لنوبة لهاث، استرخى في كرسيه كأنما يستريح من ماراثون طويل، أشرت للقهوجي بأحضار (حجر) رابع مخالف عادتي الراسخة في ألا يتجاوز ما أدخنة بالجلسة الواحدة ثلاثة حجاره.
لكن ما الذي يدفع الخليجيين لدعم جمعية مصرية سريه للرواية يا سعيد؟
نظر إلي مشفقا: أتعجب ان يصدر مثل هذا السؤال عن من هو مثلك يا أستاذ ياسر، أستعرض كم مسرحيا وشاعرا كان ميالا أو مرتبطا باليسار، أخذ يعد على اصابعه: الفريد فرج، يوسف إدريس، فتحيه العسال، نعمان عاشور، نجيب سرور، حتى عبد الرحمن الشرقاوي كانت إسلاميته مخلوطة بتقدمية ويسارية عميقه، لكن الروائيين كانوا في أغلبهم يمينيين او محافظين الهوى، ألا ترى أن الاعتقال والسجن كان غالبا من نصيب المسرحيين، بينما لم يمس الروائيين إلا نادرا؟

استعرضت في ذهني بسرعه ما أذكره من تاريخ القمع الحكومي للأدباء، ولم أجد حجة يمكنني بها أن أهاجم حجته القوية
الحقيقة يا سعيد اعتقد انك على حق، كيف لم انتبه لذلك من قبل؟
أستدار بكامله نحوي وقد عاودته نوبة الحماس المحمومة: هذه هي المصيبة يا أستاذ، هذه هي المصيبة، الحقائق والأدلة أمام الجميع، لكن لا احد يبدو قادرا على رؤيتها، هم ماهرون جدا في أخفاء وجودهم، المهم، الجمعية بدأت فيما ترسيخ وجود الروائيين بالأدب العربي انتظارا للحظة التي يطيحون فيها بأعدائهم، بدئوا بتحريك عميلهم وسط مجتمع الضباط، عميلهم الضابط/الأديب لو الأديب/الضابط ، بدأ بإقناع عبد الناصر أن الشيء المسمى (في سبيل الحرية) الذي كتبه في شبابه المبكر هي روايه وتستحق الإكمال والنشر، وهكذا ضمنوا ولاء أقوى رجل بمصر لقضيتهم، وعبره بدئوا بالتغلغل في كل مفاصل الدولة، وتجنيد المسئولين وكبار الشخصيات، حتى دون أن يعرف هؤلاء من الذي جندهم أو لماذا، بصعود أنور السادات للسلطه وعداوته الظاهرة لليسار الذي كما ذكرت كان مليئا بالمسرحيين والشعراء،هنا بدأت (جمرج) في عصر الإرهاب الروائي الأول: كانوا قد بدئوا بشن هجومهم من الستينيات على نجيب سرور بتجنيدهم وزير ثقافة ثورة يوليو لتحطيمه، ثم اجهزوا عليه بحقنه على فترات متباعدة بعقار خاص حصلوا عليه من المخابرات الأمريكية أصابه بالاكتئاب والمرض النفسي حتى مات، وهو نفس العقار الذي استعملوه على صلاح جاهين وقتلوه مكتئبا، أما أمل دنقل فقد سربوا مادة مشعة لسجائره حتى أصابوه بالسرطان الذي قتله.
ماده مشعه يا سعيد؟
نعم يا أستاذنا مادة مشعه، حصلوا عليها من الاتحاد السوفيتي عبر أتحاد كتاب آسيا وأفريقيا الذي كان احد واجهاتهم العديدة، يوسف ادريس بكل جبروته وعنفه هددوه بفضح مغامراته العاطفية مع ممثلة شهيره كانت ناشئة مراهقه حين عرفها، فخاف وتوقف عن كتابة المسرح مكتفيا بالقصص القصيرة، اضطروا الفريد فرج للهرب للجزائر خوفا على حياته.


أستنى بس يا سعيد، مش معقول
إلا ان سعيد كان منطلقا في حماسته المحمومة، ولم يكن من الممكن إيقافه: ﻷ معقول، وأكثر، انت لا تتخيل مدى قسوتهم، حين كتب محمد حافظ رجب مقاله الشهير بالستينيات : نحن جيل بلا أساتذة، معترضا على سيطرتهم المحكمة على مسار الكتابة الروائية، لم يكتفوا بحصاره أدبيا، بل استعملوا نفس العقال ذو التأثير النفسي عليه حتى دمروه، واكثر من ذلك
أقترب بوجهه من وجهي حتى غمرتني رائحة السجائر والعرق: أتعرف لماذا قتل الضابط الروائي الرومانسي بقبرص؟ هم من قتلوه، كنت احدق مندهشا غير مصدق بعيني سعيد المحمومتين بشيء يشبه الجنون، هز رأسه مؤمنا، نعم هم من قتلوه، كان قد أستشرف مدى خطورتهم وسيطرتهم وحاول الانفصال عنهم، فقتلوه، استأجروا من دبر أغتياله ليتخلصوا منه ويدفنوه بسره، هكذا هم يا أستاذ، بلا رحمه، بلا تردد
إلا ان تلك لم تكن نهاية مؤامرتهم الكبيرة، بل البداية فقط، فبالخلاص من ألد أعدائهم، بدئوا في خطتهم لتسييد الرواية بشكل نهائي، فجلبوا الأموال الخليجية لتمويل المسرح الخاص، مدمرين الكتابة المسرحية ومحولين إياها لغث تافه يقدم فيما يشبه الملاهي الليلية، لئلا يتجرأ أحد على كتابة مسرح حقيقي او جاد، وبنفوذهم في وزارة الثقافة دمروا المسرح القومي ومسرح الطليعة، وزرعوا فاروق حسني وزيرا لكي يطلق مهرجان المسرح التجريبي، ليؤسس مفهوم المسرح بلا نص، هكذا قضوا على المسرح كفن أدبي، ثم دفعوا بنبيل فاروق ليسيطر على العقول الشابة بما كان يهرف به مما سموه (روايات)، اما التسعينيين وقد كان أغلبهم شعراء فما زلت حتى الآن أجمع أطراف المؤامرة التي حاكوها ضدهم فدفعوهم جميعا للصمت والموت الأدبي، وتلك واحدة من الأسئلة التي لم تتوقف يا أستاذنا عن طرحها: ما الذي حدث للتسعينيين ولماذا توقفوا فجأة واندثروا؟
لقد قضوا عليهم، وفي الفراغ الذي حدث بأختفائهم ، كان اليساري النحيل الطويل مستعدا للدفع بدار نشره ذات الاسم الفرعوني، التي جمعت المدونين مطلقة حقبة كاملة من الكتابة الأدبية المسطحة الجوفاء تحت أسم روايات، القضية بالنسبة لهم لم تعد مجرد تسييد الرواية، فمع الوقت تضخمت (جمرج) ولم تعد مجرد جمعية للروائيين، أصبحت متورطة في أجهزة الدولة، وعلاقات دولية واسعه، وارتباطات عميقة بالشركات العالمية وارتباطات أعمق بالأجهزة الأمنية والسيادية وأدوات الحكم، أصبحت مهتمة بالحفاظ على النظام الذي ترتبط به وتنمو في ظله وتندمج مع أجهزته، وبرحيل الأجيال المؤسسة الأولى الذين كانوا مبدعين أدبيين حقيقيين حل محلهم جماعة من الأرزقيه و(السبوبجيه) بقشور ثقافة ومواهب ضحلة لا يتجاوز عمقها عقلة الإصبع، القضية أصبحت السيطرة على سوق الأدب نفسه، ألا يكتب احد غير ما نكتب، ألا يخرج احد عن المستوى المطروح من الفجاجة وضعف الإبداع والموهبة، أصبحت (جمرج) أداة ضخمه هدفها عزل كل مبدع حقيقي وتدميره وحصاره والقضاء عليه، أصبحت جرج هي من تضع المواصفات القياسية للرواية وتحرص على عدم الخروج عنها، بداية من دار النشر ذات الاسم الفرعوني التي حولت المدونيين لروائيين، ودور النشر التي تتكاثر كالفطر مكرسة نفسها لنشر الروايات الجديدة، وشبكات المكتبات الفاخرة التي لا تفعل سوى الترويج لتلك الروايات.

سكت سعيد فجأة، بدا وكأن الإجهاد قد حطمه، كأنما ذكر كل ما قاله قد أستنزف طاقته، انحنى ساندا كوعيه على ساقيه مطرقا للأرض: الموضوع كبير يا أستاذنا، كبير قوي، من أول طبيب الأسنان اللي برواية مسروقه صنعوا منه روائيا كبيرا وفيلسوفا لثورة يناير مرورا بدار النشر الفرعونية الاسم ودورها الغريب في السيطرة على التحرير، وصولا لفوتوغرافي مبارك الذي صنعوا منه الأديب الأول بمصر، شبكة هائله من المترجمين والصحفيين والناشرين والمكتبات والمؤسسات، هدفها نشر نوع بعينه من الرواية، حتى الشعر قتلوه، كما ذكرت انت مره على الفايس بوك: الشعر المصري مات وشاهدا قبره الجخ وقطامش، رفع رأسه ثائرا وعصر ذراعي وعيناه تتقدان غضبا: بقى بالذمه دول شعراء؟!! حتى الشعر حاصروه ورسموا له مسارا يقوده للموت النهائي والفناء، أصبح كل شخص تقريبا صاحب رواية منشوره، أصبح من يمتلكون رواية منشوره اكثر ممن يمتلكون سيارات، عمل فج سخيف تلو الأخر، ويجدون من ينشر، ومن يترجم ومن يدبج مقالات التقريظ والمديح، مؤامرة هائله يا أستاذنا، مؤامرة...
كان علي أن أضع مبسم الشيشة وأنهض لأجلس سعيد بعد أن وقف منحنيا على الطاولة وهو يرفع صوته وجسده كله يرتعد بالغضب والغيظ.
أهدأ يا سعيد، أهدأ ، أجلس، لقد أثرت انتباه الزبائن القليلين الذين أتوا للمقهى.
بدا كأنني سكبت دولا من الماء البارد على رأسه، أظلمت عيناه مرة أخرى، وانهد في كرسيه مسحوقا، يهز رأسه في يأس وبصوت منتحب ولول بهمس: لقد انتصروا فعلا يا أستاذ ياسر، انتصروا فعلا، أتعرف ما معنى الجملة التي على شعارهم؟
سحب الورقة من جيبه وبسطها أمامي ثانية، قرأت بصوت هامس: هي اور لا نمز هنا
ليس لها معنى يا سعيد، بأي لغة هي؟
أبتسم أبتسامة تقطر مرارة وقال : أقرأها بالعكس
فعلت، فإذا الجملة تظهر أمامي واضحة جليه: انه زمن الرواية الآن
حدق في عيني وقد أدرك انني فهمت ما يقصد، انه زمن الرواية الآن، الشعار الذي وضعه المؤسسون في ثلاثينيات القرن الماضي، لحظتها أدركت ما يقصد سعيد عثمان بأنهم قد انتصروا فعلا.
لبثنا نحدق أحدنا في عيني الأخر لثوان منبهرين بالكشف الذي نتشاركه.
نهض سعيد ومد لي يده مصافحا: اﻷن انت تعلم ما أعلمه، تعلم ما عفته عبر عشر سنوات، تعلم لماذا أنا خائف ومطارد وحياتي مهدده، أسف أنني أشركتك معي في هذا السر المظلم، لكني لا امتلك فقط الحكايات، لدي وثائق وإثباتات مكتوبه، رسائل ومحاضر جلسات، نجحت في تهريبها خارج مصر وقت وقت الثورة، هي لدى صديق خارج مصر، اتفقت معه أنني لو اختفيت ولم أتواصل معه عبر الأنترنت أن يرسل لك نسخة رقمية منها، أنا اتق فيك بك واعرف انك لن تتردد في فضحهم، أو افعل بها ما شئت، لكن تذكر أن أنسانا قد ضحى بحياته للحصول عليها، أنا سأنصرف الآن وسأحاول الاتصال بك مرة أخرى

سحب يده بسرعه واستدار منصرفا، أمسكت كتفه: أنتظر يا سعيد، كيف أمكنك أن تعرف كل هذا عنهم؟
أستدار بجانب وجهه، كانت عيناه مختنقتان بالدموع : كنت واحدا منهم يا أستاذ ياسر، أم كيف تظن أن ضعيف الموهبة مثلي يمكنه أن يصدر ثلاث روايات متتاليه؟ كنت واحدا منهم، تملص من يدي وانصرف مسرعا متلفتا، لم اره بعدها ولم يتصل بي أبدا.

هناك تعليقان (2):

  1. عجبانى اوى البعد السيكولوجى للرواية فى تشكيل لاوعى جمعى ( وليس وعى كما ذكرت )
    الفكرة الماسونية للمؤامرة على لسان سعيد ارعبتنى كثيرا .
    رائع نظرتك العميقة لقيمة المسرح فى تشكيل الوعى الجماهيرى والشعر ايضا ولكن اذا كنت تهاجم الرواية فلما لم تهاجمها من خلال المسرح.
    لا ادرى لماذا اللجوء الى الذاتية اذا كانت القضية شديدة العمومية ؟ الا اذا كانت القصة قد حدثت بالفعل وساعتها تتغير تماما قيمتها من رواية لمجرد سرد ادبى
    البنية السردية اكثر من رائعة وسلسة جدا .
    كنت اتمنى ان ارى اسم سعد الله ونوس
    جميل ان يظل اسم (جمرج ) بلا تأويل حتى يحتار لقارىء فى التأويل
    بغض النظر عن واقعية القصة او عدمها الا انها ترصد دور الكتاب الجدد المدعومين بشكل يسير الريبة فى تسطيح وتهيف العقل المصرى
    اكاد ارى سعيد امامى من شدة ومهارة وصفه . احييك بشده
    القصة القصيرة هى تركيزشديد لحدث درامى ما متعلق بشخصيات القصة بهدف ابراز الفكرة التى يريدها الكاتب وهو ما رأيته فى القصة .
    عبارة (انه زمن الرواية ) ترادف عبارة ( انه زمن التسطيح والابتذال )

    ردحذف
  2. Thanks for sharing, nice post! Post really provice useful information!

    FadoExpress là một trong những top công ty chuyển phát nhanh quốc tế hàng đầu chuyên vận chuyển, chuyển phát nhanh siêu tốc đi khắp thế giới, nổi bật là dịch vụ gửi hàng đi nhậtgửi hàng đi pháp uy tín, giá rẻ

    ردحذف