الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

مصيدة الجنرالات

ده مقالي لعدد مايو الماضي من مجلة البديل التحرري ، الأناركيه التي تصدر بالفرنسيه، أكيد طبعا هو متأخر كتير، لكني انشره بالعربيه للمره الاولى تأكيدا على انه يمكن أكتشاف والتنبؤ بالمسار الطبيعي للحكم العسكري في مصر

مصيدة الجنرالات

يقولون: سقط ضحية نجاحه،ويبدو إن عبد الفتاح السيسي هو نموذج لصحة هذه المقوله، فالرجل الذي امتلك في يوليو الماضي قوة بدت وكأنها غير بشرية وشعبية جارفة تضرم نيرانها آلة إعلامية عملاقة- يمتلك أغلبها القطاع الخاص- الرجل الذي بلغ القمة يبدو إن برودتها ووحدتها- ككل القمم- قد جمدته، فهو في عدالة شعرية ساخره كأنما يسير في نفس مسار الرئيس الذي انقلب عليه (=محمد مرسي) فهو لا يفعل شيئا سوى ترديد خطابات عاطفية شبيهة بخطابات مرسي- وإن كان والحق يقال أقل ثرثرة منه- مملؤة بالجمل الفصيحة التي لا تعني شيئا حقيقيا ومراكما الأنتصارات الإجرائيه من تفويض شعبي وتحصين قانوني وتعديل لقوانين تجعله الحاكم الفعلي والقانوني لمصر لا الرئيس الألعوبه (عدلي منصور) الذي وضعه السيسي على كرسي الرئاسه، إنتصارات إجرائيه لكن بلا أي إنجاز من أي نوع في العالم الواقعي، فالملفات التي اتخذ فشل مرسي فيها ذريعة لإسقاطه لم يكن حظ السيسي فيها بأفضل منه، فانقطاع الكهرباء عاد لنفس وتيرته،وملف سد النهضة الأثيوبي ما زال مستحيل الحل،مع إرتفاع مضطرد في الأسعار وانهيار لقيمة العمله وتلاشي قطاع أقتصادي هام كقطاع السياحة تماما، بينما الرجل يتدلل ويتمنع دون أن يحزم أمره فيما إذا كان سيترشح للرئاسة أم لا، الدلال الذي أعتقد ان سببه عدم رضاء المؤسسة العسكرية عن إعتلاء طفلها المعجزه كرسي الرئاسة وهو الذي قفز في خلال ثلاث سنوات من رتبة لواء لفريق أول لمشير رغم قلة أقدميته وسنه مقارنة بعشرات من الجنرالات، إن أزمة السيسي هي في الحقيقة أزمة الطبقة المصرية الحاكمة بمدنييها وعسكرييها- والتفرقة بينهما وظيفية بحته- فهي واقعة ما بين تناقض خطابها الشعبوي الذي يحاول تحضير روح الستينيات الناصريه وما بين إنحيازاتها الطبقية الحاده التي تظهر في الإضطهاد المستمر للعمال النقابيين والمضربين والتي يشارك فيها الجيش بنشاط ووضوح ويعبر عنها السيسي في خطابه الذي يدعو الشعب للتقشف بينما يضخ الملايين في الإرتفاع بالأجور والخدمات المقدمه لوزارة الداخليه- القويه والمرهوبة الجانب- ومؤسسته العسكرية طبعا والتي يبدو أن طبيعتها الثانيه كمؤسسة إقتصادية احتكاريه قد تفوقت على طبيعتها كمؤسسة عسكريه فانطلقت في جشع محموم للسيطرة على أغلب أوجه النشاط الإقتصادي في مصر خاصة قطاع المقاولات الحكوميه المكتنز بالميزانيات الضخمه، وهو ما يسبب الكثير من الضيق للرأسمالية المدنيه الكبيره المقربة من آل مبارك والتي ترى نفسها الوريث الأحق بمصر بعد أن مولت ونظمت حملة إسقاط حكم الإخوان- الذين لن ينسى أحد إنهم وصلوا للحكم عبر تحالف قوي مع العسكر وموافقتهم التامه- فالجيش يبدو راغبا ليس فقط في إلتهام كعكة الحكم بمصر بل يضيف عليها كعكة الإقتصاد تاركا لحلفائه دور التابعين الراضين بالفتات،وهو ما يتناقض مع طموحهم في إعادة لم أشلاء نظام مبارك حيث كانوا شركاء لا أتباع للجنرالات، ربما يكون للخطاب الأجوف المطلي بالوطنيه للسيسي عمر صلاحية أطول مما كان للخطاب الإخواني الأجوف المطلي بالتدين، إلا أنه سيثبت زيفه لامحاله، وكما حدث لمرسي والإخوان سيكون مصير السيسي الذي أعلن نفسه صانعا للمعجزات قبل شهور، ثم فقد شجاعته ونشوته بانتصاره السهل فبدأ يتراجع عن وعوده الفائقة اللمعان متحدثا عن الإشكاليات العميقه التي تواجه الاقتصاد المصري وأنه من المستحيل في الظروف الحاليه تحقيق وعده الحالم بأن تكون مصر (قد الدنيا)، بل إنه يروج لمقولة عجيبه أنه لا مانع من التضحيه بجيل أو أثنين لكي تعيش الأجيال التاليه في رفاهيه، وهي الخطه التي لا أعتقد نهائيا ان الجيل الذي يخطط للتضحية به يوافق عليها بأي حال، ولعلنا لا ننسى أن الشارع كان يهدر منذ عامين بهتاف : يسقط يسقط حكم العسكر، ولعلنا قريبا نعيد سماع هذا الهتاف في الشوارع من شعب نفذ صبره من تواتر الوعود الزائفه بحياة أفضل بينما تسحقه الأزمة الإقتصاديه بلا رحمه.

ياسر عبد القوي
الحركه الاشتراكيه التحرريه-مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق